سورة يونس - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم والحسن وشيبة وغيرهم، {نحشرهم} بالنون، وقرأت فرقة: {يحشرهم} بالياء، والضمير في {يحشرهم} عائد على جميع الناس محسنين ومسيئين، و{مكانكم} نصب على تقدير لازموا مكانكم وذلك مقترن بحال شدة وخزي، و{مكانكم} في هذا الموضع من أسماء الأفعال إذ معناه قفوا واسكنوا، وهذا خبر من الله تعالى عن حالة تكون لعبدة الأوثان يوم القيامة يؤمرون بالإقامة في موقف الخزي مع أصنامهم ثم ينطق الله الأصمام بالتبري منهم. وقوله: {وشركاؤكم}، أي الذين تزعمون أنتم أنهم شركاء لله، فأضافهم إليهم لأن كونهم شركاء إنما هو بزعم هؤلاء وقوله {فزيلنا بينهم} معناه فرقنا في الحجة والذهب وهو من زلت الشيء عن الشيء أزيله، وهو تضعيف مبالغة لا تعدية، وكون مصدر زيل تزييلاً، يدل على أن زيل إنما هو فعل لا فيعل، لأن مصدره كان يجيء على فيعلة، وقرأت {فزايلنا}، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الكفار إذ رأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب قيل لهم اتبعوا ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد هؤلاء فتقول الأصنام: والله ما كنا نسمع أو نعقل: {ما كنتم إيانا تعبدون} فيقولون والله لإياكم كنا نعبد فنقول الألهة {كفى بالله شهيداً} الآية.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر هذه الآية أن محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى بن مريم بدليل القول لهم {مكانكم أنتم وشركاؤكم} ودون فرعون ومن عبد من الجن بدليل قولهم {إن كنا عن عبادتكم لغافلين}، وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم، و{أنتم} رفع بالابتداء والخبر موبخون أو مهانون، ويجوز أن يكون {أنتم} تأكيداً للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه. و{شهيداً} نصب على التمييز، وقيل على الحال، وأنْ هذه عند سيبويه هي مخففة موجبة حرف ابتداء ولزمتها اللام فرقاً بينها وبين إن النافية، وقال الفراء: إن بمعنى ما واللام بمعنى إلا، و{هنالك} نصب على الظرف، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر {تبلوا} بالباء بواحدة بمعنى اختبر، وقرأ حمزة والكسائي {تتلوا} بالتاء بنقطتين من فوق بمعنى تتبع أي تطلب وتتبع ما أسلفت من أعمالها، ويصح أن يكون بمعنى تقرأ كتبها التي ترفع إليها، وقرأ يحيى بن وثاب {ودوا} بكسر الراء والجمهور {وردوا إلى الله}، أي ردوا إلى عقاب مالكهم وشديد بأسه، فهو مولاهم في الملك والإحاطة لا في الرحمة والنصر ونحوه.
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم والحسن وشيبة وغيرهم، {نحشرهم} بالنون، وقرأت فرقة: {يحشرهم} بالياء، والضمير في {يحشرهم} عائد على جميع الناس محسنين ومسيئين، و{مكانكم} نصب على تقدير لازموا مكانكم وذلك مقترن بحال شدة وخزي، و{مكانكم} في هذا الموضع من أسماء الأفعال إذ معناه قفوا واسكنوا، وهذا خبر من الله تعالى عن حالة تكون لعبدة الأوثان يوم القيامة يؤمرون بالإقامة في موقف الخزي مع أصنامهم ثم ينطق الله الأصمام بالتبري منهم. وقوله: {وشركاؤكم}، أي الذين تزعمون أنتم أنهم شركاء لله، فأضافهم إليهم لأن كونهم شركاء إنما هو بزعم هؤلاء وقوله {فزيلنا بينهم} معناه فرقنا في الحجة والذهب وهو من زلت الشيء عن الشيء أزيله، وهو تضعيف مبالغة لا تعدية، وكون مصدر زيل تزييلاً، يدل على أن زيل إنما هو فعل لا فيعل، لأن مصدره كان يجيء على فيعلة، وقرأت {فزايلنا}، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الكفار إذ رأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب قيل لهم اتبعوا ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد هؤلاء فتقول الأصنام: والله ما كنا نسمع أو نعقل: {ما كنتم إيانا تعبدون} فيقولون والله لإياكم كنا نعبد فنقول الألهة {كفى بالله شهيداً} الآية.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر هذه الآية أمن محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى بن مريم بدليل القول لهم {مكانكم أنتم وشركاؤكم} ودون فرعون ومن عبد من الجن بدليل قولهم {إن كنا عن عبادتكم لغافلين}، وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم، {وأنتم} رفع بالابتداء والخبر موبخون أو مهانون، ويجوز أن يكون {أنتم} تأكيداُ للضمير الذي في الفعل المقدر الذي هو قفوا أو نحوه. و{شهيداً} نصب عل التمييز، وقيل على الحال، وأن هذه عند سيبويه هي مخففة موجبة حرف ابتداء ولزمتها اللام فرقاً بينها وبين إن النافية، وقال الفراء: إن بمعنى ما واللام بمعنى إلا، و{هنالك} ويصح أن يكون بمعنى تقرأ كتبها التي ترفع إليها، وقرأ يحيى بن وثاب {ودوا} بكسر الراء والجمهور {وردوا إلى الله}، أي ردوا إلى عقاب مالكهم وشديد بأسه، فهو مولاهم في الملك والإحاطة لا في الرحمة والنصر ونحوه.


هذا توقيف وتوبيخ واحتجاج لا محيد عن التزامه، و{من السماء} يريد بالمطهر ومن {الأرض} يريد بالإنبات ونحو ذلك، و{يملك السمع والأبصار}، لفظ يعم جملة الإنسان ومعظمه حتى أن ما عداهما من الحواس تبع، {ويخرج الحي من الميت} الجنين من النطفة، والطائر من البيضة، والنبات من الأرض إذ له نمو شبيه بالحياة، {ويخرج الميت من الحي}، مثل البيضة من الطائر ونحو ذلك، وقد تقدم فيما سلف إيعاب القول في هذه المعاني، وتدبير الأمر عام لهذا وغيره من جميع الأشياء، وذلك استقامة الأمور كلها عن إرادته عز وجل، وليس تدبيره بفكر ولا روية وتغيرات تعالى عن ذلك بل علمه محيط كامل دائم، {فسيقولون الله} لا مندوحة لهم عن ذلك، ولا تمكنهم المباهتة بسواه، فإذا أقروا بذلك {فقل أفلا تتقون}. في افترائكم وجعلكم الأصنام آلهة: وقوله تعالى {فذلكم الله ربكم} الآية، يقول: فهذا الذي هذه صفاته {ربكم الحق} أي المستوجب للعبادة والألوهية، وإذا كان ذلك فتشريك غيره ضلال وغير حق، وعبارة القرآن في سوق هذه المعاني تفوت كل تفسير براعة وإيجازاً وإيضاحاً، وحكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والضلال منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد، لأن الكلام فيها إنما هو في تقرير وجود ذات كيف وهي، وذلك بخلاف مسائل الفروع التي قال الله تعالى فيها {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} [المائدة: 48] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات»، و{الحق} في هذه في الطرفين لأن المتعبدين إنما طلبوا بالاجتهاد لا بعين في كل نازلة ويدلك على أن الحق في الطرفين اختلاف الشرائع بتحليل وتحريم في شيء واحد، والكلام في مسائل الفروع إنما هو في أحكام طارئة على وجود ذات متقررة لا يختلف فيها وإنما يختلف في الأحكام المتعلقة بالمشترع، وقوله: {فأنى تصرفون} تقرير كما قال: {فأين تذهبون} [التكوير: 26] ثم قال: {كذلك حقت} أي كما كانت صفات الله كما وصف وعبادته واجبة كما تقرر وانصراف هؤلاء كما قدر عليهم وتكسبوا {كذلك حقت}، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم، وحمزة والكسائي هنا وفي آخر السورة كلمة على الإفراد الذي يراد به الجمع كما يقال للقصيدة كلمة، فعبر عن وعيد الله تعالى بكلمته، وقرأ نافع وابن عامر في الموضعين المذكورين كلمات وهي قراءة أبي جعفر وشيبة بن نصاح، وهذه الآية إخبار أن في الكفار من حتم بكفره وقضى بتخليده، وقرأ ابن أبي عبلة،{إنهم} بكسر الألف.


هذا توقيف أيضاً على قصور الأصنام وعجزها، وتنبيه على قدرة الله عز وجل، وبدء الخلق يريد به إنشاء الإنسان في أول أمره، وإعادته هي البعث من القبور، و{تؤفكون} معناه: تصرفون وتحرمون، تقول العرب: أرض مأفوكة إذا لم يصبها مطر فهي بمعنى الخيبة والقلب، كما قال: {والمؤتفكة أهوى} [النجم: 53] وقوله تعالى {قل هل من شركائكم من يهدي} الآية، {يهدي إلى الحق} يريد به يبين الطرق والصواب ويدعو إلى العدل ويفصح بالآيات ونحو هذا، ووصف الأصنام بأنها لا تهدي إلا أن تهدى، ونحن نجدها لا تهتدي وإن هديت، فوجه ذلك أنه عامل في العبارة عنها معاملتهم في وصفها بأوصاف من يعقل وذلك مجاز وموجود في كثير من القرآن، وذكر ذلك أبو علي الفارسي، والذي أقول: أن قراءة حمزة والكسائي تحتمل أن يكون المعنى أمن لا يهدي أحداً إلا أن يهدى ذلك الأحد بهداية من عند الله، وأما على غيرها من القراءات التي مقتضاها {أمن لا يهتدي إلا أن يهدى} فيتجه المعنى على ما تقدم لأبي علي الفارسي، وفيه تجوز كثير، وقال بعضهم: هي عبارة عن أنها لا تنتقل إلا أن تنقل، ويحتمل أن يكون ما ذكر الله من تسبيح الجمادات هو اهتداؤها ويحتمل أن يكون الاستثناء في اهتدائها إلى مناكرة الكفار يوم القيامة، حسبما مضى في هذه السورة، وقراءة حمزة والكسائي هي {يَهْدي} بفتح الياء وسكون الهاء، وقرأ نافع وأبو عمرو وشيبة والأعرج وأبو جعفر {يَهْدّي} بسكون الهاء وتشديد الدال، وقرأ ابن كثير وابن عكامر {يَهَدي} بفتح الياء والهاء، وهذه أفصح القراءات، نقلت حركة تاء {يهتدي} إلى الهاء وأدغمت التاء في الدال، وهذه رواية ورش عن نافع وقرأ عاصم في رواية حفص {يَهِدّي} بفتح الياء وكسر الهاء وشد الدال، أتبع الكسرة الكسرة، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر، {يِهِدّي} بكسر الياء والهاء وشد الدال وهذا أيضاً إتباع وقال مجاهد: الله يهدي من الأوثان وغيرها ما شاء.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وقرأ يحيى بن الحارث الزماري. {إلا أن يهَدّي} بفتح الهاء وشد الدال، ووقف القراء {فما لكم}، ثم يبدأ {كيف تحكمون}، وقوله {وما يتبع أكثرهم}، إخبار عن فساد طرائقهم وضعف نظرهم وأنه ظن، ثم بين منزلة الظن من المعارف وبعده من الحق، و{الظن} في هذه الآية على بابه في أنه معتقد أحد جائزين لكن ثم ميل إلى أحدهما دون حجة تبطل الآخر، وجواز ما اعتقده هؤلاء إنما هو بزعمهم لا في نفسه.
بل ظنهم محال في ذاته. و{الحق} أيضاً على بابه في أنه معرفة المعلوم على ما هو به. وبهذه الشروط لا يغني الظن من الحق شيئاً. وأما في طريق الأحكام التي تعبد الناس بظواهرها فيغني الظن في تلك الحقائق ويصرف من طريق إلى طريق. والشهادة إنما هي مظنونة. وكذلك التهم في الشهادات وغيرها تغني. وليس المراد في هذه الآية هذا النمط. وقرأ جمهور الناس. {يفعلون} وقرأ عبد الله بن مسعود {تفعلون} بالتاء على مخاطبة الحاضر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8